الجمعة، 4 ديسمبر 2009

الإسلام السياسي مشروع أثبت فشله بالمغرب



إن مشروع الإسلام السياسي الذي تبناه حزب العدالة والتنمية، ظهرت علامات فشله الأكيدة، خصوصا فيما يتعلق بحلم تحقيق دولة دينية، وقد ظلت الشروط القبلية لهذا الفشل حاضرة بقوة منذ أن انسلخ أبرز زعمائه الحاليين عن الرحم الأم، حركة الشبيبة الإسلامية بقيادة عبد الكريم مطيع والظهور تحت مظلة حزب عبد الكريم الخطيب، وتحت جناح هذا الأخير، آنذاك خرج حزب العدالة والتنمية ببرنامجه وتصوره هذا، حول المحور الذي يرتكز على الدولة كما يراها، وقد توصل أغلب المحللين المشهود لهم بالمصداقية والاستقلالية أن تصوره حول الدولة الإسلامية لم يتجاوز الدين الإسلامي الذي فسره كل على هواه ووظفه كل حسب ما يرى فيه من تحقيق لمآربه السياسية ومصالحه الحزبية أو الشخصية، التي كثيرا ما ابتعدت عن جوهر الإسلام وتعاليمه الحقة.
وعلى امتداد هذا المسار تبين بجلاء، للعام والخاص، أن هذا التطور الذي انبثق من لا "تصور" السائد في الحزب القديم، قبل تغيير اسمه إلى حزب العدالة والتنمية، بأنه تصور غير مؤهل لتحقيق النظام السياسي الذي يمكنه من التعامل الفعلي مع الواقع اليومي، ناهيك عن انتظارات أوسع فئات الشعب المغربي، ومهما كان الأمر، فقي نهاية المطاف قد يكون من تحصيل حاصل توظيف الدين واستغلاله لمآرب سياسية بحتة، وهنا تكمن الخطوة والشرط القبلي للفشل الأكيد. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، وإنما تم تجاوزه أحيانا كثيرة إلى الاتجار بالدين مع جهل ماهية ما يقوم عليه هذا الإنجاز.
وللتوضيح لا يكمن فشل تصور الدولة الإسلامية في الدين، وإنما يكمن بالأساس في نية توظيف الدين وجعله رهينة لتقلبات وضع سياسي أو اقتصادي معين أو لمزاجات خاصة، قاسمها المشترك توظيف الدين لخدمة أهداف سياسية وفشلها الذريع في نهج هذا التوظيف، وعموما يبدو برنامج حزب العدالة والتنمية ومشروعها السياسي، ديني الظاهر سياسي الباطن على عكس الإدعاء السائد، وهذا ما جعل البعض يطرح أكثر من علامة استفهام باتت تتناسل يوما بعد يوم لاسيما في إطار ماهية هذا التباين، في المنهج والرؤية، وبحسب المناطق والجهات التي يديرها الحزب، وهذا ما يستدعي طرح السؤال: هل حزب العدالة والتنمية مؤهل حقا للمساهمة في الحكم بالمغرب؟
لقد خبرنا سلوكات ومواقف من خلال جملة من الأحداث والنوازل تؤكد لنا ما سقناه سابقا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ماذا فعل هذا الحزب بعد أن تم الإعلان عن انخفاض أسعار المحروقات؟ ولماذا لم يطالب بخفض أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، أم أنهم مشاركون في "خوازيق" حكوماتنا إزاء المواطن العادي المغلوب على أمره، إذ تعلن عن خفض أسعار ولا تتكبد عناء الإعلان عن رفع أخرى، كأن المغربي العادي لا حق له إلا في تحمل الزيادات، أما التخفيضات فما زال لا حق له فيها ما دام لم يصل بعد إلى مستوى فرضها على الحكومة بطريقة من طرق التصدي "لخوازيقها". وفي هذا الصدد لم يحرك حزب العثماني ساكنا، علما أنه أقام الدنيا ولم يقعدها بخصوص توزيع العازل الطبي من طرف بعض جمعيات مكافحة داء فقدان المناعة (السيدا) كسبيل من سبل التقليل من انتشارها. لكن ردة فعله بخصوص رفع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية لم تكن بنفس القوة والدرجة، كما أنه وهو الذي يدعي أن همه هو تغيير واقع الحال اعتمادا على سياسة الممكن، لم يعلن عن أي موقف بخصوص خفض الأثمان بعد خفض سعر المحروقات التي كانت سببا مباشرا في ارتفاعها؟ ونفس الشيء ينطبق على ما فعله الحزب بخصوص معاناة سكان دوار تونيفيت المحرومين من أبسط الخدمات الصحية وأبسط وسائل الارتباط بالحضارة رغم أن منطقتهم غنية بخيراتها الغابوية، التي نهبت ولا زالت تنهب، ولم يغنموا منها ولو سنتيما واحدا وظف لخدمة المنطقة.
وما هذه الأمثلة إلا غيض من فيض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق