الجمعة، 4 ديسمبر 2009

إلى متى سنظل نعاني من غياب المعلومات



إن الأكثر وعيا بالمعاناة الناتجة عن غياب المعلومة أو حجبها هو الصحفي، الممتهن لمهنة المتاعب.. وعموما عانينا، نحن المغاربة، كثيرا من غياب المعلومات والأرقام، وهي المعاناة التي لا تقل أهمية عن تلك الناتجة عن الحرمان أو هدر الحقوق.
أقول ظلت معاناتنا قائمة بسبب عدم توفير المعلومة، بل بالأحرى لعدم الاهتمام بإنتاجها، ولربما بسبب الموقف السلبي من تداول المعلومات، وذلك بكل تأكيد رفض لاعتماد الشفافية.
فهل انتهت هذه المعاناة الآن؟
بالتأكيد هناك تداول معلومات وأرقام أكثر من السابق، وهناك ربما مصادر أفضل لتداولها عما كان عليه الحال خلال سنوات الجمر والرصاص، إذ بدأت جهات تعلن عن نفسها بأنها هي صاحبة هذه المعلومة أو تلك.
وحاليا، ونحن نعيش عصر المعلومة بامتياز، فالإشكالية الراهنة التي تطرح نفسها، تفرض علينا إعادة النظر في آليات إنتاج المعلومة وترويجها، كأداة أولا ثم كحاجة ثانيا، وفق ما تعرفه "القرية العالمية" من تسارع وتيرة نقل المعلومة والاستفادة منها في حينها. هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى، فإن انتماءنا لعصر العولمة يفرض كذلك التأكد من دقة المعلومة ومصداقيتها، إذ لا يعقل استخدام معلومة وترويجها، ونحن نعرف أن جهات قد عملت على "فبركتها" أو تحويلها ولربما إفراغها من دلالتها الأصلية، كذلك وجب الاحتراز والحيطة في التعامل مع "المعلومات المخدومة" الصادرة عن الجهات الرسمية، فنحن نعرف ما لنفس يعقوب من حاجة في التمويه على الواقع والمجتمع والذات، بل التاريخ نفسه. وهذا أمر يستدعينا لمحو "الخطإ المقصود" وإثبات الصواب مكانه. وهي خطوة يلزمنا البدء بها، وإلا فإننا سنظل - كما جرت العادة- على هامش الحقيقة، لا للحاضر ننتمي ولا للمستقبل نتطلع ولا للماضي نستوعب.
لاشك أن أصحاب القرار ودوائر صناعته لهم مصادر معلوماتهم وجهات تزودهم بالمعلومات والأرقام الأكثر تجسيدا للحقيقة من تلك المعلن عنها، إلا أن هذا لا يقي القرارات المتخذة من الخطإ باعتبار أنه لا يكفي أن تتوفر لدى هؤلاء المعلومات والأرقام الحقيقية المطلوبة، ما لم يتم الكشف عنها، وما دام صاحب القرار والشأن في نهاية المطاف هو المواطن، وما دمنا قد قررنا العيش في دولة الحق والقانون المكرسة لحقوق المواطنة. انطلاقا من هذا المنظور يكون صاحب القرار هو مواطن يعيش في جو عام، ولابد أن يكون على علم بالمعلومات والأرقام الحقيقة، فالقرار بالمعنى الشمولي للكلمة، في دولة تسعى للإقرار بالديمقراطية وليس فقط قرار القائمين على الأمور أو القرار الحكومي، فكل منا يتخذ في يومه الكثير من القرارات، وهذه القرارات لا بد وأن تستند على معلومات وأرقام حقيقية وليست "مفبركة و "مخدومة".
لا يكاد يمر يوم دون أن نشك في دقة وصحة معلومة ما، يكفي أن نفتح جريدة، أو نشاهد برنامجا تلفزيا، أو نحضر ندوة، أو بكل بساطة أن نجالس زميلا في مقهى، حتى نشك في صدق المعلومة المقدمة والأرقام المعلنة، أخذا بعين الاعتبار أن المعلومة ليست فقط خبرا أو حدثا وإنما هي أيضا " عدد" و " أرقام"، وبالتالي دقة وصدقية.
إيمانا منا بدولة الحق والقانون، في تجسيد المواطنة الحقة وتكريس الفعل الديمقراطي وتوسيع دائرة الحوار وتقديم الأجوبة المقْنِعة (لا المُقًنَّعَة)، وجب على "الجهات الرسمية" وعلى رأسها "الدولة"، أن تعمل على توفير المعلومات بكل صدق ووضوح ودقة، وأيضا بكل نزاهة. ولن يتأتى ذلك إلا عن طريق الشفافية التي لا تزال للأسف الشديد في خبر كان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق